الشعر العربي

معلقة الشاعر امرؤ القيس*





قفا نبك من ذِكرى حبيب ومنزل بسِقطِ اللِّوى بينَ الدَّخول فحَوْملِ
فتوضح فالمقراة لم يَعفُ رسمهاَ لما نسجتْها من جَنُوب وشمالِ
ترى بَعَرَ الأرْآمِ في عَرَصاتِها وقيعانها كأنه حبَّ فلفل
كأني غَداة َ البَيْنِ يَوْمَ تَحَمَلّوا لدى سَمُراتِ الحَيّ ناقِفُ حنظلِ
وُقوفاً بها صَحْبي عَليَّ مَطِيَّهُمْ يقُولون لا تهلكْ أسى ً وتجمّل
وإنَّ شفائي عبرة ٌ مهراقة ٌ فهلْ عند رَسمٍ دارِسٍ من مُعوَّلِ
كدأبكَ من أمِّ الحويَرثِ قبلها وجارتها أمَّ الربابِ بمأسل
فَفاضَت دُموعُ العَينِ مِنّي صَبابَةً عَلى النَحرِ حَتّى بَلَّ دَمعِيَ مِحمَلي
ألا ربَّ يومٍ لك مِنْهُنَّ صالح ولا سيّما يومٍ بدارَة ِ جُلْجُلِ
ويوم عقرتُ للعذارى مطيتي فيا عَجَباً من كورِها المُتَحَمَّلِ
فظلَّ العذارى يرتمينَ بلحمها وشحمٍ كهداب الدمقس المفتل
ويوم دخلتُ الخدرِ خدر عنيزة فقالت لك الويلات إنكَ مُرجلي
تقولُ وقد مالَ الغَبيطُ بنا معاً عقرت بعيري يا امرأ القيس فانزلِ
فقُلتُ لها سيري وأرْخي زِمامَهُ ولا تُبعديني من جناك المعللِ
فمِثلِكِ حُبْلى قد طَرَقْتُ ومُرْضعٍ فألهيتُها عن ذي تمائمَ محول
إذا ما بكى من خلفها انْصَرَفَتْ لهُ بشِقٍّ وَتحتي شِقُّها لم يُحَوَّلِ
ويوماً على ظهر الكثيبِ تعذَّرت عَليّ وَآلَتْ حَلْفَة ً لم تَحَلَّلِ
أفاطِمُ مهلاً بعض هذا التدلل وإن كنتِ قد أزمعت صرمي فأجملي
وَإنْ تكُ قد ساءتكِ مني خَليقَة ٌ فسُلّي ثيابي من ثيابِكِ تَنْسُلِ
أغَرّكِ مني أنّ حُبّكِ قاتِلي وأنكِ مهما تأمري القلب يفعل
ومَا ذَرَفَتْ عَيْناكِ إلا لتَضْرِبي بسَهمَيكِ في أعشارِ قَلبٍ مُقَتَّلِ
و بيضة ِ خدر لا يرامُ خباؤها تَمَتّعتُ من لَهْوٍ بها غيرَ مُعجَلِ
تجاوزْتُ أحْراساً إلَيها ومَعْشَراً عليّ حِراساً لو يُسروّن مقتلي
إذا ما الثريا في السماء تعرضت تعرضَ أثناء الوشاح المفصَّلِ
فجِئْتُ وقد نَضَّتْ لنَوْمٍ ثيابَها لدى السِّترِ إلاَّ لِبْسَة َ المُتَفَضِّلِ
فقالت يمين الله ما لكَ حيلة ٌ وما إن أرى عنك الغواية َ تنجلي
خَرَجْتُ بها أمشي تَجُرّ وَراءَنا على أثَرَيْنا ذَيْلَ مِرْطٍ مُرَحَّلِ
فلما أجزْنا ساحة الحيِّ وانتحى بنا بطنُ خَبْتٍ ذي حِقافٍ عَقَنْقَلِ
هصرتُ بِفودي رأسها فتمايلت عليَّ هضيمَ الكَشحِ رِيّا المُخَلخَلِ
إِذا اِلتَفَتَت نَحوي تَضَوَّعَ ريحُها نَسيمَ الصَبا جاءَت بِرَيّا القَرَنفُلِ
مُهَفْهَفَة ٌ بَيْضاءُ غيرُ مُفاضَة ٍ ترائبها مصقولة ٌ كالسجنجل
كِبِكْرِ المُقاناة ِ البَياضِ بصُفْرَة ٍ غذاها نميرُ الماء غير المحللِِ
تصد وتبدي عن أسيلٍ وتتَّقي بناظرَة ٍ من وَحش وَجْرَة َ مُطفِلِ
وجيد كجيد الرئم ليس بفاحِش إذا هيَ نَصّتْهُ وَلا بمُعَطَّلِ
وَفَرعٍ يَزينُ المَتنَ أَسوَدَ فاحِمٍ أَثيثٍ كَقِنوِ النَخلَةِ المُتَعَثكِلِ
غَدائِرُها مُستَشزِراتٌ إِلى العُلا تَضِلُّ العِقاصَ في مُثَنّىً وَمُرسَلِ
وكشح لطيف كالجديل مخصر وساق كأنبوبِ السقي المُذلل
وَتَعْطو برخَصٍ غيرِ شَثْنٍ كأنّهُ أساريعُ ظبي أو مساويكُ إسحلِ
تُضيء الظلامَ بالعشاء كأنها منارة ُ ممسى راهب متبتل
وَتُضْحي فَتِيتُ المِسكِ فوق فراشها نؤومُ الضُّحى لم تَنْتَطِقْ عن تَفضُّلِ
إلى مثلها يرنو الحليمُ صبابة إذا ما اسبكَرّتْ بينَ درْعٍ ومِجْوَلِ
تَسَلَّت عِماياتُ الرِجالِ عَنِ الصِبا وَلَيسَ فُؤادي عَن هَواكِ بِمُنسَلِ
ألا رُبّ خَصْمٍ فيكِ ألْوَى رَدَدتُه نصيح على تعذَاله غير مؤتل
وليل كموج البحر أرخى سدولهُ عليَّ بأنواع الهموم ليبتلي
فَقُلْتُ لَهُ لما تَمَطّى بصلبه وأردَف أعجازاً وناءَ بكلْكلِ
ألا أيّها اللّيلُ الطّويلُ ألا انْجَلي بصُبْحٍ وما الإصْباحَ مِنك بأمثَلِ
فيا لكَ من ليلْ كأنَّ نجومهُ بكل مغار الفتل شدت بيذبلِ
كأن الثريا علِّقت في مصامها بأمْراسِ كتّانٍ إلى صُمّ جَندَلِ
وَقَد أَغتَدي وَالطَيرُ في وُكُناتِها بِمُنجَرِدٍ قَيدِ الأَوابِدِ هَيكَلِ
مِكَرٍّ مِفَرٍّ مُقبِلٍ مُدبِرٍ مَعاً كَجُلمودِ صَخرٍ حَطَّهُ السَيلُ مِن عَلِ
كُمَيتٍ يَزِلُّ اللِبدُ عَن حالِ مَتنِهِ كَما زَلَّتِ الصَفواءُ بِالمُتَنَزَّلِ
مسحٍّ إذا ما السابحاتُ على الونى أثرنَ غباراً بالكديد المركل
على العقبِ جيَّاش كأن اهتزامهُ إذا جاش فيه حميُه غَليُ مِرْجلِ
يطيرُ الغلامُ الخفُّ على صهواته وَيُلْوي بأثْوابِ العَنيفِ المُثقَّلِ
دَريرٍ كَخُذْروفِ الوَليدِ أمَرّهُ تقلبُ كفيهِ بخيطٍ مُوصلِ
لهُ أيطلا ظبيٍ وساقا نعامة وإرخاء سرحانٍ وتقريبُ تنفلِ
كأن على الكتفين منه إذا انتحى مَداكَ عَروسٍ أوْ صَلاية َ حنظلِ
وباتَ عَلَيْهِ سَرْجُهُ وَلجامُهُ وباتَ بعيني قائماً غير مرسل
فعنَّ لنا سربٌ كأنَّ نعاجَه عَذارَى دَوارٍ في مُلاءٍ مُذَيَّلِ
فأدبرنَ كالجزع المفصل بينه بجيدِ مُعَمٍّ في العَشيرَة ِ مُخْوَلِ
فألحَقَنا بالهادِياتِ وَدُونَهُ جواحِرها في صرة ٍ لم تزيَّل
فَعادى عِداءً بَينَ ثَوْرٍ وَنَعْجَة ٍ دِراكاً ولم يَنْضَحْ بماءٍ فيُغسَلِ
وظلّ طُهاة ُ اللّحمِ من بينِ مُنْضِجٍ صَفيفَ شِواءٍ أوْ قَديرٍ مُعَجَّلِ
ورُحنا راحَ الطرفُ ينفض رأسه متى ما تَرَقَّ العينُ فيه تَسَفَّلِ
كأنَّ دماءَ الهادياتِ بنحره عُصارة ُ حِنّاءٍ بشَيْبٍ مُرْجّلِ
وأنتَ إذا استدبرتُه سدَّ فرجه بضاف فويق الأرض ليس بأعزل
أحار ترى برقاً أريك وميضه كلمع اليدينِ في حبي مُكلل
يُضيءُ سَناهُ أوْ مَصَابيحُ راهِبٍ أهان السليط في الذَّبال المفتَّل
قعدت له وصحيبتي بين حامر وبين اكام بعدم متأمل
وأضحى يسحُّ الماء عن كل فيقة يكبُّ على الأذقان دوحَ الكنهبل
وتيماءَ لم يترُك بها جِذع نخلة وَلا أُطُماً إلا مَشيداً بجَنْدَلِ
كأن ذرى رأس المجيمر غدوة ً من السَّيلِ وَالأغْثاء فَلكة ُ مِغزَلِ
كأنَّ أباناً في أفانينِ ودقهِ كَبيرُ أُناسٍ في بِجادٍ مُزَمَّلِ
وَألْقى بصَحْراءِ الغَبيطِ بَعاعَهُ نزول اليماني ذي العياب المخوَّل
كَأَنَّ سِباعاً فيهِ غَرقى غُدَيَّةً بِأَرجائِهِ القُصوى أَنابيشُ عَنصُلِ
على قَطَنٍ بالشَّيْمِ أيْمَنُ صَوْبهِ وَأيْسَرُهُ عَلى السّتارِ فَيَذْبُلِ
وَأَلقى بِبَيسانَ مَعَ اللَيلِ بَركَهُ
 ************
معلقة عمرو بن كلثوم 

أَلاَ هُبِّي بِصَحْنِكِ فَاصْبَحِيْنَـا
مُشَعْشَعَةً كَأَنَّ الحُصَّ فِيْهَـا
تَجُوْرُ بِذِي اللَّبَانَةِ عَنْ هَـوَاهُ
تَرَى اللَّحِزَ الشَّحِيْحَ إِذَا أُمِرَّتْ
صَبَنْتِ الكَأْسَ عَنَّا أُمَّ عَمْـرٍو
وَمَا شَـرُّ الثَّـلاَثَةِ أُمَّ عَمْـرٍو
وَكَأْسٍ قَدْ شَـرِبْتُ بِبَعْلَبَـكٍّ
وَإِنَّا سَـوْفَ تُدْرِكُنَا المَنَـايَا
قِفِـي قَبْلَ التَّفَرُّقِ يَا ظَعِيْنـَا
قِفِي نَسْأَلْكِ هَلْ أَحْدَثْتِ صَرْماً
بِيَـوْمِ كَرِيْهَةٍ ضَرْباً وَطَعْنـاً
وَأنَّ غَـداً وَأنَّ اليَـوْمَ رَهْـنٌ
تُرِيْكَ إِذَا دَخَلَتْ عَلَى خَـلاَءٍ
ذِرَاعِـي عَيْطَلٍ أَدَمَـاءَ بِكْـرٍ
وثَدْياً مِثْلَ حُقِّ العَاجِ رَخِصـاً
ومَتْنَى لَدِنَةٍ سَمَقَتْ وطَالَـتْ
وَمأْكَمَةً يَضِيـقُ البَابُ عَنْهَـا
وسَارِيَتِـي بَلَنْـطٍ أَو رُخَـامٍ
فَمَا وَجَدَتْ كَوَجْدِي أُمُّ سَقبٍ
ولاَ شَمْطَاءُ لَم يَتْرُك شَقَاهَـا
تَذَكَّرْتُ الصِّبَا وَاشْتَقْتُ لَمَّـا
فَأَعْرَضَتِ اليَمَامَةُ وَاشْمَخَـرَّتْ
أَبَا هِنْـدٍ فَلاَ تَعْجَـلْ عَلَيْنَـا
بِأَنَّا نُـوْرِدُ الـرَّايَاتِ بِيْضـاً
وَأَيَّـامٍ لَنَـا غُـرٍّ طِــوَالٍ
وَسَيِّـدِ مَعْشَـرٍ قَدْ تَوَّجُـوْهُ
تَرَكْـنَ الخَيْلَ عَاكِفَةً عَلَيْـهِ
وَأَنْزَلْنَا البُيُوْتَ بِذِي طُلُـوْحٍ
وَقَدْ هَرَّتْ كِلاَبُ الحَيِّ مِنَّـا
مَتَى نَنْقُـلْ إِلَى قَوْمٍ رَحَانَـا
يَكُـوْنُ ثِقَالُهَا شَرْقِيَّ نَجْـدٍ
نَزَلْتُـمْ مَنْزِلَ الأَضْيَافِ مِنَّـا
قَرَيْنَاكُـمْ فَعَجَّلْنَـا قِرَاكُـمْ
نَعُـمُّ أُنَاسَنَـا وَنَعِفُّ عَنْهُـمْ
نُطَـاعِنُ مَا تَرَاخَى النَّاسُ عَنَّـا
بِسُمْـرٍ مِنْ قَنَا الخَطِّـيِّ لُـدْنٍ
كَأَنَّ جَمَـاجِمَ الأَبْطَالِ فِيْهَـا
نَشُـقُّ بِهَا رُؤُوْسَ القَوْمِ شَقًّـا
وَإِنَّ الضِّغْـنَ بَعْدَ الضِّغْنِ يَبْـدُو
وَرِثْنَـا المَجْدَ قَدْ عَلِمَتْ مَعَـدٌّ
وَنَحْنُ إِذَا عِمَادُ الحَيِّ خَـرَّتْ
نَجُـذُّ رُؤُوْسَهُمْ فِي غَيْرِ بِـرٍّ
كَأَنَّ سُيُـوْفَنَا منَّـا ومنْهُــم
كَـأَنَّ ثِيَابَنَـا مِنَّـا وَمِنْهُـمْ
إِذَا مَا عَيَّ بِالإِسْنَـافِ حَـيٌّ
نَصَبْنَـا مِثْلَ رَهْوَةِ ذَاتَ حَـدٍّ
بِشُبَّـانٍ يَرَوْنَ القَـتْلَ مَجْـداً
حُـدَيَّا النَّـاسِ كُلِّهِمُ جَمِيْعـاً
فَأَمَّا يَـوْمَ خَشْيَتِنَـا عَلَيْهِـمْ
وَأَمَّا يَـوْمَ لاَ نَخْشَـى عَلَيْهِـمْ
بِـرَأْسٍ مِنْ بَنِي جُشْمٍ بِنْ بَكْـرٍ
أَلاَ لاَ يَعْلَـمُ الأَقْـوَامُ أَنَّــا
أَلاَ لاَ يَجْهَلَـنَّ أَحَـدٌ عَلَيْنَـا
بِاَيِّ مَشِيْئَـةٍ عَمْـرُو بْنَ هِنْـدٍ
بِأَيِّ مَشِيْئَـةٍ عَمْـرَو بْنَ هِنْـدٍ
تَهَـدَّدُنَـا وَتُوْعِـدُنَا رُوَيْـداً
فَإِنَّ قَنَاتَنَـا يَا عَمْـرُو أَعْيَـتْ
إِذَا عَضَّ الثَّقَافُ بِهَا اشْمَـأَزَّتْ
عَشَـوْزَنَةً إِذَا انْقَلَبَتْ أَرَنَّـت
فَهَلْ حُدِّثْتَ فِي جُشَمٍ بِنْ بَكْـرٍ
وَرِثْنَـا مَجْدَ عَلْقَمَةَ بِنْ سَيْـفٍ
وَرَثْـتُ مُهَلْهِـلاً وَالخَيْرَ مِنْـهُ
وَعَتَّـاباً وَكُلْثُـوْماً جَمِيْعــاً
وَذَا البُـرَةِ الذِي حُدِّثْتَ عَنْـهُ
وَمِنَّـا قَبْلَـهُ السَّاعِي كُلَيْـبٌ
مَتَـى نَعْقِـد قَرِيْنَتَنَـا بِحَبْـلٍ
وَنُوْجَـدُ نَحْنُ أَمْنَعَهُمْ ذِمَـاراً
وَنَحْنُ غَدَاةَ أَوْقِدَ فِي خَـزَازَى
وَنَحْنُ الحَابِسُوْنَ بِذِي أَرَاطَـى
وَنَحْنُ الحَاكِمُـوْنَ إِذَا أُطِعْنَـا
وَنَحْنُ التَّارِكُوْنَ لِمَا سَخِطْنَـا
وَكُنَّـا الأَيْمَنِيْـنَ إِذَا التَقَيْنَـا
فَصَالُـوا صَـوْلَةً فِيْمَنْ يَلِيْهِـمْ
فَـآبُوا بِالنِّـهَابِ وَبِالسَّبَايَـا
إِلَيْكُـمْ يَا بَنِي بَكْـرٍ إِلَيْكُـمْ
أَلَمَّـا تَعْلَمُـوا مِنَّا وَمِنْكُـمْ
عَلَيْنَا البَيْضُ وَاليَلَبُ اليَمَانِـي
عَلَيْنَـا كُـلُّ سَابِغَـةٍ دِلاَصٍ
إِذَا وَضِعَتْ عَنِ الأَبْطَالِ يَوْمـاً
كَأَنَّ غُضُـوْنَهُنَّ مُتُوْنُ غُـدْرٍ
وَتَحْمِلُنَـا غَدَاةَ الرَّوْعِ جُـرْدٌ
وَرَدْنَ دَوَارِعاً وَخَرَجْنَ شُعْثـاً
وَرِثْنَـاهُنَّ عَنْ آبَـاءِ صِـدْقٍ
عَلَـى آثَارِنَا بِيْـضٌ حِسَـانٌ
أَخَـذْنَ عَلَى بُعُوْلَتِهِنَّ عَهْـداً
لَيَسْتَلِبُـنَّ أَفْـرَاسـاً وَبِيْضـاً
تَـرَانَا بَارِزِيْـنَ وَكُلُّ حَـيٍّ
إِذَا مَا رُحْـنَ يَمْشِيْنَ الهُوَيْنَـا
يَقُتْـنَ جِيَـادَنَا وَيَقُلْنَ لَسْتُـمْ
ظَعَائِنَ مِنْ بَنِي جُشَمِ بِنْ بِكْـرٍ
وَمَا مَنَعَ الظَّعَائِنَ مِثْلُ ضَـرْبٍ
كَـأَنَّا وَالسُّـيُوْفُ مُسَلَّـلاَتٌ
يُدَهْدِهنَ الرُّؤُوسِ كَمَا تُدَهْـدَي
وَقَـدْ عَلِمَ القَبَـائِلُ مِنْ مَعَـدٍّ
بِأَنَّـا المُطْعِمُـوْنَ إِذَا قَدَرْنَــا
وَأَنَّـا المَانِعُـوْنَ لِمَـا أَرَدْنَـا
وَأَنَّـا التَـارِكُوْنَ إِذَا سَخِطْنَـا
وَأَنَّـا العَاصِمُـوْنَ إِذَا أُطِعْنَـا
وَنَشْرَبُ إِنْ وَرَدْنَا المَاءَ صَفْـواً
أَلاَ أَبْلِـغْ بَنِي الطَّمَّـاحِ عَنَّـا
إِذَا مَا المَلْكُ سَامَ النَّاسَ خَسْفـاً
مَـلأْنَا البَـرَّ حَتَّى ضَاقَ عَنَّـا
إِذَا بَلَـغَ الفِطَـامَ لَنَا صَبِـيٌّ
فَأَنزَلَ مِنهُ العَصمَ مِن كُلِّ مَنزِلِ
***************

 
وَلاَ تُبْقِي خُمُـوْرَ الأَنْدَرِيْنَـا
إِذَا مَا المَاءَ خَالَطَهَا سَخِيْنَـا
إِذَا مَا ذَاقَهَـا حَتَّـى يَلِيْنَـا
عَلَيْـهِ لِمَـالِهِ فِيْهَـا مُهِيْنَـا
وَكَانَ الكَأْسُ مَجْرَاهَا اليَمِيْنَـا
بِصَاحِبِكِ الذِي لاَ تَصْبَحِيْنَـا
وَأُخْرَى فِي دِمَشْقَ وَقَاصرِيْنَـا
مُقَـدَّرَةً لَنَـا وَمُقَـدِّرِيْنَـا
نُخَبِّـرْكِ اليَقِيْـنَ وَتُخْبِرِيْنَـا
لِوَشْكِ البَيْنِ أَمْ خُنْتِ الأَمِيْنَـا
أَقَـرَّ بِـهِ مَوَالِيْـكِ العُيُوْنَـا
وَبَعْـدَ غَـدٍ بِمَا لاَ تَعْلَمِيْنَـا
وَقَدْ أَمِنْتَ عُيُوْنَ الكَاشِحِيْنَـا
هِجَـانِ اللَّوْنِ لَمْ تَقْرَأ جَنِيْنَـا
حَصَـاناً مِنْ أُكُفِّ اللاَمِسِيْنَـا
رَوَادِفُهَـا تَنـوءُ بِمَا وَلِيْنَـا
وكَشْحاً قَد جُنِنْتُ بِهِ جُنُونَـا
يَرِنُّ خَشَـاشُ حَلِيهِمَا رَنِيْنَـا
أَضَلَّتْـهُ فَرَجَّعـتِ الحَنِيْنَـا
لَهـا مِن تِسْعَـةٍ إلاَّ جَنِيْنَـا
رَأَيْتُ حُمُـوْلَهَا أصُلاً حُدِيْنَـا
كَأَسْيَـافٍ بِأَيْـدِي مُصْلِتِيْنَـا
وَأَنْظِـرْنَا نُخَبِّـرْكَ اليَقِيْنَــا
وَنُصْـدِرُهُنَّ حُمْراً قَدْ رُوِيْنَـا
عَصَيْنَـا المَلِكَ فِيهَا أَنْ نَدِيْنَـا
بِتَاجِ المُلْكِ يَحْمِي المُحْجَرِيْنَـا
مُقَلَّـدَةً أَعِنَّتَهَـا صُفُـوْنَـا
إِلَى الشَامَاتِ نَنْفِي المُوْعِدِيْنَـا
وَشَـذَّبْنَا قَتَـادَةَ مَنْ يَلِيْنَـا
يَكُوْنُوا فِي اللِّقَاءِ لَهَا طَحِيْنَـا
وَلُهْـوَتُهَا قُضَـاعَةَ أَجْمَعِيْنَـا
فَأَعْجَلْنَا القِرَى أَنْ تَشْتِمُوْنَـا
قُبَيْـلَ الصُّبْحِ مِرْدَاةً طَحُوْنَـا
وَنَحْمِـلُ عَنْهُـمُ مَا حَمَّلُوْنَـا
وَنَضْرِبُ بِالسِّيُوْفِ إِذَا غُشِيْنَـا
ذَوَابِـلَ أَوْ بِبِيْـضٍ يَخْتَلِيْنَـا
وُسُـوْقٌ بِالأَمَاعِـزِ يَرْتَمِيْنَـا
وَنَخْتَلِـبُ الرِّقَـابَ فَتَخْتَلِيْنَـا
عَلَيْـكَ وَيُخْرِجُ الدَّاءَ الدَّفِيْنَـا
نُطَـاعِنُ دُوْنَهُ حَـتَّى يَبِيْنَـا
عَنِ الأَحْفَاضِ نَمْنَعُ مَنْ يَلِيْنَـا
فَمَـا يَـدْرُوْنَ مَاذَا يَتَّقُوْنَـا
مَخَـارِيْقٌ بِأَيْـدِي لاَعِبِيْنَـا
خُضِبْـنَ بِأُرْجُوَانِ أَوْ طُلِيْنَـا
مِنَ الهَـوْلِ المُشَبَّهِ أَنْ يَكُوْنَـا
مُحَافَظَـةً وَكُـنَّا السَّابِقِيْنَـا
وَشِيْـبٍ فِي الحُرُوْبِ مُجَرَّبِيْنَـا
مُقَـارَعَةً بَنِيْـهِمْ عَـنْ بَنِيْنَـا
فَتُصْبِـحُ خَيْلُنَـا عُصَباً ثُبِيْنَـا
فَنُمْعِــنُ غَـارَةً مُتَلَبِّبِيْنَــا
نَـدُقُّ بِهِ السُّـهُوْلَةَ وَالحُزُوْنَـا
تَضَعْضَعْنَـا وَأَنَّـا قَـدْ وَنِيْنَـا
فَنَجْهَـلَ فَوْقَ جَهْلِ الجَاهِلِيْنَـا
نَكُـوْنُ لِقَيْلِكُـمْ فِيْهَا قَطِيْنَـا
تُطِيْـعُ بِنَا الوُشَـاةَ وَتَزْدَرِيْنَـا
مَتَـى كُـنَّا لأُمِّـكَ مَقْتَوِيْنَـا
عَلى الأَعْـدَاءِ قَبَلَكَ أَنْ تَلِيْنَـا
وَوَلَّتْـهُ عَشَـوْزَنَةً زَبُـوْنَـا
تَشُـجُّ قَفَا المُثَقِّـفِ وَالجَبِيْنَـا
بِنَقْـصٍ فِي خُطُـوْبِ الأَوَّلِيْنَـا
أَبَـاحَ لَنَا حُصُوْنَ المَجْدِ دِيْنَـا
زُهَيْـراً نِعْمَ ذُخْـرُ الذَّاخِرِيْنَـا
بِهِـمْ نِلْنَـا تُرَاثَ الأَكْرَمِيْنَـا
بِهِ نُحْمَى وَنَحْمِي المُلتَجِينَــا
فَـأَيُّ المَجْـدِ إِلاَّ قَـدْ وَلِيْنَـا
تَجُـذَّ الحَبْلَ أَوْ تَقْصِ القَرِيْنَـا
وَأَوْفَاهُـمْ إِذَا عَقَـدُوا يَمِيْنَـا
رَفَـدْنَا فَـوْقَ رِفْدِ الرَّافِدِيْنَـا
تَسَـفُّ الجِلَّـةُ الخُوْرُ الدَّرِيْنَـا
وَنَحْنُ العَازِمُـوْنَ إِذَا عُصِيْنَـا
وَنَحْنُ الآخِـذُوْنَ لِمَا رَضِيْنَـا
وَكَـانَ الأَيْسَـرِيْنَ بَنُو أَبَيْنَـا
وَصُلْنَـا صَـوْلَةً فِيْمَنْ يَلِيْنَـا
وَأُبْـنَا بِالمُلُـوْكِ مُصَفَّدِيْنَــا
أَلَمَّـا تَعْـرِفُوا مِنَّـا اليَقِيْنَـا
كَتَـائِبَ يَطَّعِـنَّ وَيَرْتَمِيْنَـا
وَأسْيَـافٌ يَقُمْـنَ وَيَنْحَنِيْنَـا
تَرَى فَوْقَ النِّطَاقِ لَهَا غُضُوْنَـا
رَأَيْـتَ لَهَا جُلُوْدَ القَوْمِ جُوْنَـا
تُصَفِّقُهَـا الرِّيَاحُ إِذَا جَرَيْنَـا
عُـرِفْنَ لَنَا نَقَـائِذَ وَافْتُلِيْنَـا
كَأَمْثَـالِ الرِّصَائِـعِ قَدْ بَلَيْنَـا
وَنُـوْرِثُهَـا إِذَا مُتْنَـا بَنِيْنَـا
نُحَـاذِرُ أَنْ تُقَسَّمَ أَوْ تَهُوْنَـا
إِذَا لاَقَـوْا كَتَـائِبَ مُعْلِمِيْنَـا
وَأَسْـرَى فِي الحَدِيْدِ مُقَرَّنِيْنَـا
قَـدْ اتَّخَـذُوا مَخَافَتَنَا قَرِيْنـاً
كَمَا اضْطَرَبَتْ مُتُوْنُ الشَّارِبِيْنَـا
بُعُوْلَتَنَـا إِذَا لَـمْ تَمْنَعُـوْنَـا
خَلَطْـنَ بِمِيْسَمٍ حَسَباً وَدِيْنَـا
تَـرَى مِنْهُ السَّوَاعِدَ كَالقُلِيْنَـا
وَلَـدْنَا النَّـاسَ طُرّاً أَجْمَعِيْنَـا
حَـزَاوِرَةٌ بِأَبطَحِـهَا الكُرِيْنَـا
إِذَا قُبَـبٌ بِأَبطَحِـهَا بُنِيْنَــا
وَأَنَّـا المُهْلِكُـوْنَ إِذَا ابْتُلِيْنَــا
وَأَنَّـا النَّـازِلُوْنَ بِحَيْثُ شِيْنَـا
وَأَنَّـا الآخِـذُوْنَ إِذَا رَضِيْنَـا
وَأَنَّـا العَازِمُـوْنَ إِذَا عُصِيْنَـا
وَيَشْـرَبُ غَيْرُنَا كَدِراً وَطِيْنَـا 
وَدُعْمِيَّـا فَكَيْفَ وَجَدْتُمُوْنَـا
أَبَيْنَـا أَنْ نُقِـرَّ الـذُّلَّ فِيْنَـا
وَظَهرَ البَحْـرِ نَمْلَـؤُهُ سَفِيْنَـا
تَخِـرُّ لَهُ الجَبَـابِرُ سَاجِديْنَـا